رمضانيات فلسطين

بطاقات  رمضانية

مواقع رمضانية

 

 

أبجديات ، بقلم : عائشة إبراهيم سلطان

عندما تلمع نيران القذائف المتساقطة على البيوت الفلسطينية كما نشاهدها يوميا على شاشات التلفزيون, فإن سؤالا يتفجر مع هذه القذائف سائلا عن حال أولئك الذين ينهال عليهم هذا الجحيم اليومي،

على مرأى العالم الذي يلوك في كل ثانية كلاما فارغا عن حقوق الإنسان والتحضر والسلام والتآخي والمعونات الإنسانية.

وخلف كل قذيفة, ومع كل ضربة مدفع أو رشاش, هناك جدران تتساقط يوميا على رؤوس ساكنيها, وهنالك أطفال وشيوخ وعجائز, ونساء ضعيفات, ومرضى وعجزة ومقعدون, وهناك صائمون يفطرون على وجوه الأحباب الراحلين في درب الشهادة ويتسحرون على أصوات الأحباب الذاهبين في سيارات الإسعاف إلى تجمعات الألم والمرارة, فإذا استبد الجنون والحقد بالإسرائيليين انهالت قطعان المستوطنين في حراسة الجيش الإسرائيلي لتعيث فسادا بأمان البيوت وأشجار الزيتون والليمون والبرتقال!

فمن لهؤلاء يا إلهي غيرك وسط هذا الجحيم المفتوح على بوابات العمر والزمن منذ أكثر من 50 عاما؟ من لهم وسط هذا الصمت الراسم جروحا وقروحا في الجسد والقلب والذاكرة وخرائط الجغرافيا وتفاصيل التاريخ؟ فارحمهم يارب فأنت أرحم الراحمين.

لقد تحدثت سيدة فلسطينية مقيمة هنا في الامارات فقالت: (لا يهنأ لي طعام أو شراب, قلبي معلق هناك بمنازل أهلي واخوتي وأبنائهم وجرحي مفتوح على شاشات الفضائيات بينما ينزف جرحى على الهواء مباشرة.

تقول السيدة: استشهد أحد اخوتي, وتهدمت منازل الكثيرين من أهلي.

وبينما يبدأ مسلسل العدوان والقذائف اليومي, تأخذ زوجة أخي أبناءها التسعة إلى غرفة قصية في المنزل, أثناء ذلك تنهال القذائف على المنزل فيتحول إلى ركام, وينجو الأطفال بينما تفقد إحدى البنات النطق لشدة الهلع الذي أصابها!!

مع كل (حفلة) عدوان صهيونية يخرج السكان إلى الشوارع حتى لا تتهدم الجدران على رؤوسهم, بينما يتمتع يهود الشتات بمستوطنات عالية التحصين والحماية والامكانيات والرفاهية, فأين حقوق الإنسان التي تنادي بها الولايات المتحدة وتقاطع دولا بسببها وتتدخل جيوشها في شئون أنظمة أخرى ادعاء بأن هذه الأنظمة تنتهك حقوق الإنسان! فهل أخرجتنا الولايات المتحدة نهائيا من قائمة البشر والإنسانية لأجل عيون (إسرائيل)؟!

إن وراء كل قذيفة (نتفرج) عليها عبر الشاشات مأساة إنسانية يحكيها جيش (إسرائيل) لانها الطريقة الوحيدة التي يجيدونها ولانهم يظنون بأن السلام لا يأتي إلا عبر القتل وسفك الدماء, فهذا ما يعرفونه وما تعلموه عبر تاريخهم الأسود الطويل.

إن (إسرائيل) تفرض حصارها الكامل على مدن وقرى مناطق السلطة الفلسطينية, وهذا الحصار يشمل كل شيء: الطعام والاحتياجات الإنسانية الضرورية والماء والوقود, وتصوروا ان الغاز بدأ في النفاد من البيوت, وشتاء فلسطين لا يحتمل لشدة برودته, فماذا سيفعل أهلنا في فلسطين وسط هذا الحصار؟ إنها حرب تحطيم الإرادة بطريقة البرد والحصار والجوع والقهر, والقذائف ورشاشات الجنود تحصد خيرة الشباب وتخلف آلاف الجرحى بينما المعونات ممنوعة, والطرقات مغلقة, والفيتو الأمريكي مسلط على رقاب العباد, وإسرائيل تمشي على كرامتنا وأشلائنا وعروبتنا بأحذيتها.. فإلى متى؟ إلى متى يا أمريكا يا من تسمين نفسك قلعة الديمقراطية؟ إلى متى؟؟

صحيفة البيان الإماراتية 6 رمضان الموافق 2 ديسمبر 2000

 

 

 


back to 1 site