رمضانيات فلسطين

بطاقات  رمضانية

مواقع رمضانية

 

 

مع القصف يحلو السهر

* د. نبيل الشريف..
شهر رمضان الكريم على الابواب.. وفي رمضان يحلو السهر وتطيب جلسات السمر. وتتنافس محطات التلفزة العربية على استقطاب المشاهدين من خلال البرامج التي تقدمها. فهناك برامج المسابقات السخية وفقرات الفكاهة والنوادر.. اما الاستعراض الفني الراقص فهو نجم هذه السهرات!
اما هذا العام، فان محطات التلفزة العربية ليست مضطرة للتفنن في تقديم برامج مكلفة لاستقطاب المشاهدين.. فاحداث الانتفاضة توفر ذلك بأقل الجهد! وكل ما هو مطلوب من اية قناة تسعى لشد انتباه الناس هو تقديم مشاهد القصف الحية للمدن الفلسطينية (كما حدث مساء امس عندما قصف الصهاينة المجرمون مدينة غزة الباسلة).
هذه - باختصار - هي الوصفة السحرية لأية محطة تريد تحقيق اعلى نسبة مشاهدة.
ولا يمكن لأي برنامج غنائي او فني ان يتفوق على مشاهد شواء اللحم الفلسطيني في جذب القطاعات العريضة من المتفرجين العرب الذين يتكومون على الارائك بعد وجبات الافطار الرمضانية الدسمة في تضامن واضح مع الانتفاضة الباسلة!!
واذا تعذر نقل المشاهد الحية لقصف المدن والقرى الفلسطينية (كأن يكون المحتلون قد اخذوا فرصة لتنظيف اسلحتهم والتقاط انفاسهم) فيمكن لمحطات التلفزة العربية ان تقدم حوارا مؤثرا مع والدة شهيد او مع طفل جريح مزق الرصاص لحمه. ويمكنها ان تنقل صورا للبيوت المدمرة والاراضي المصادرة.
اما الوصفة التي لا تخيب لجذب اكبر عدد من الملتصقين بمقاعدهم بعد افطارات رمضان الدسمة، فهي عرض لقطات مؤثرة للمسجد الاقصى وجنود الاحتلال يدنسون حرماته.. ولا ابالغ اذا قلت ان سهارى رمضان يمكن ان يذرفوا دموعا سخية لهذه المشاهد من فرط تضامنهم!!
ان جمهور رمضان العربي مهيىء للالتصاق بمحطات التلفزة، فليالي رمضان طويلة وقد ارتبطت منذ سنوات عديدة بالسمر والسهر والترويح عن النفس.. وليس هناك ما يدعو لكي تكلف هذه المحطات نفسها عناء البحث عن برامج عالية الكلفة.. فالتضامن العربي مع الانتفاضة واضح وتكاد المقاعد ترتج بنا ونحن نعبر عن هذا التضامن. فلتقدم هذه المحطات للجمهور المشاهد التي يتوقعها، فالجمهور دائما على حق! ومن حسن طالع المحطات ان »ما يطلبه المشاهدون« هذا العام غير مكلف ولا يحتاج الى جهد خاص!!
وما زالت الجماهير العربية الممتدة من الماء الى الماء تذكر انها امضت سهراتها في رمضان منذ ثلاث سنوات خلت على مشاهد القصف الحي لبغداد الباسلة وشواء اللحم العراقي.. وقد تفوقت تلك المشاهد التي تابعتها الامة بكل جوارحها عبر شاشات التلفزة على برامج الاستعراض الفني وبيع القطائف والمكسرات!
... وها هي الاحداث تعيد نفسها ولكن بدلا من بغداد، فسنقضي سهراتنا الرمضانية هذا العام ونحن نتضامن ونتعاطف مع القدس وغزة وسائر المدن الفلسطينية.. فبالقصف يحلو السهر!!

صحيفة الدستور الأردنية

 

 

 


back to 1 site